مؤتمر “لجنة التحقيق بمجازر السويداء”.. بين الشكوك بالنتائج وفقدان الشرعية
أحوال ميديا – دمشق
تستعد اللجنة الوطنية للتحقيق بأحداث السويداء لعقد مؤتمر صحفي يوم غد الأحد، وسط موجة من الشكوك والرفض الشعبي المتزايد ليس فقط حول نتائج التحقيق، بل حول شرعية اللجنة نفسها. فبينما تُعلن اللجنة أنها ستستعرض “مراحل التحقيق” وتوضح “الخطوات القادمة”، يرى كثيرون أن هذا المؤتمر ليس سوى محاولة لتجميل صورة جهة فقدت ثقة الشارع منذ اللحظة الأولى.
لجنة بلا استقلال ومصداقية
منذ تشكيلها، وُجهت اتهامات للجنة بأنها تعمل تحت مظلة أمنية وسياسية مرتبطة بشكل غير مباشر بهيئة تحرير الشام، وتحديداً بشخصيات محسوبة على أبو محمد الجولاني. هذا الاتهام ليس مجرد تكهن، بل يستند إلى نمط التحقيقات السابقة التي جرت في مناطق الساحل السوري، والتي انتهت إلى تبرئة الأجهزة الأمنية وتجاهل الضحايا. خصوصا وان المجرم والقاضي يتبعان الى نفس السلطة، فهل سمعنا أو شاهدنا سلطة تقر بمسؤوليتها عن جريمة او مجزرة؟
تكرار سيناريو الساحل السوري؟
في التحقيقات بمجازر آذار التي ارتكبتها عصابات الجولاني في الساحل السوري بحق أبناء الطائفة العلوية، تم تجاهل شهادات الأهالي، والتركيز على “أخطاء فردية” دون تحميل أي جهة تابعة لسلطة الجولاني مسؤولية مباشرة عن المجازر . واليوم، يخشى أهالي السويداء أن يكون التحقيقات الجارية مجرد نسخة مكررة عن الساحل السوري، وتنتهي بتقرير شكلي لا يُحاسب أحد، ولا يُعيد الحقوق لأصحابها.
السويداء لا تنسى
الهجوم الذي شهدته محافظة السويداء منتصف تموز، وما تبعه من اعتقالات وانتهاكات، لا يزال حاضراً في ذاكرة الناس. ومع ذلك، لم تُدعَ أي جهة مستقلة أو حقوقية للمشاركة في التحقيق، ولم تُنشر أي نتائج أولية، ما يعزز الانطباع بأن اللجنة تعمل وفق أجندة سياسية لا قضائية.
أبو رائد، أحد وجهاء السويداء، قال لـ”أحوال ميديا”:”نحن لا نثق بلجنة تأتي من دمشق لتُحقق في دمنا، بينما من تسببوا في المجزرة لا يزالون في مواقعهم دون حسيب او رقيب”.
مؤتمر الأحد… مسرحية أم مواجهة؟
بينما تستعد اللجنة المزعومة لعقد مؤتمرها في وزارة الإعلام، يتساءل كثيرون: هل سيكون هذا المؤتمر منصة لتبرئة المتورطين؟ أم محطة لكشف الحقائق؟ الجواب، كما يبدو، لن يأتي من داخل القاعة، بل من رد فعل الشارع بعد انتهاء العرض.
في النهاية، لا يمكن للجنة التحقيق أن تُقنع شعباً نزف دماً أن العدالة تُصنع خلف أبواب مغلقة وتحت سقوف السلطة. فحين تكون اللجنة امتداداً لمن يُشتبه في تورطهم، وحين تُدار التحقيقات بمنطق التجميل لا المحاسبة، فإن المؤتمر الصحفي المنتظر لن يكون سوى فصل جديد من مسرحية الإنكار وتجهيل المتورطين بدماء أهالي السويداء.
السويداء لا تحتاج إلى بيانات منمقة، بل إلى دق جرس الحقيقة واستواء ميزان العدالة، ومحاسبة كل من أعطى الأوامر ونفّذ وتواطأ. أما لجنة الجولاني، فستبقى في نظر الناس لجنة تبييض لا لجنة تحقيق. والشارع المجروح الذي لم يُدعَ إلى طاولة الحوار والعدالة، هو من سيكتب الحقيقة على مهما حاولت السلطة طمسها.



